|
110524668 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>>
<< |
الإعاقة الذهنية بدلاً من التخلف العقلي ...لماذا ؟؟ |
الكاتب : روحي عبدات |
القراء :
10113 |
الإعاقة الذهنية بدلاً من التخلف العقلي ...لماذا ؟؟ روحي عبدات/ أخصائي نفسي تربوي لطالما ركز مفهوم للإعاقة على قصور أداء الفرد الذي يظهر ضمن السياق الاجتماعي الذي يعيش فيه، وعلى السلبيات ونواحي الضعف الموجودة في للفرد، حيث درج بأن مفهوم الإعاقة له أساس صحي ينجم عنه ضعف في وظائف الجسد وبنيته، ومحددات النشاط، وتقيد مشاركة الفرد المجتمعية في سياق العوامل الشخصية والبيئية. وفيما بعد تطور مفهوم الإعاقة الذهنية ليركز على التفاعل المنتظم بين الفرد والبيئة التي يعيش فيها، وتقييم الشخص المعاق ضمن البيئة الذي ينتمي إليها والأخذ بالاعتبار أن تقديم الدعم الفردي له سوف يؤدي إلى تحسين أدائه الوظيفي. تفسير المفاهيم: لقد تشكل مفهوم الإعاقة الحالي خلال العقود الأخيرة نتيجة تطور الوعي المجتمعي نحو الإعاقة، وتتمثل العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذا التطور فيما يلي: (أ) البحث عن المضامين الاجتماعية للمرض وأثره الكبير على المجتمع والاتجاهات والأدوار والسياسات التي أصبح يدرك من خلالها الفرد الاضطرابات الصحية (ارونوويتز، 1998). (ب) وضوح الفارق التاريخي بين المسببات البيولوجية والاجتماعية المؤدية للإعاقة (ج) الاعتراف بتعدد أبعاد الأداء الإنساني واختلافها وبسبب هذه العوامل، فإن مفهوم الإعاقة قد تطور من السمات أو الخصائص المتمركزة حول الفرد (التي كثيرا ما يشار إليها بوصفها "العجز\" ) إلى أن الإعاقة ظاهرة إنسانية ذات عوامل عضوية واجتماعية. وهذه العوامل العضوية والاجتماعية تؤدي إلى القصور الوظيفي وتنعكس على شكل ضعف في الأداء الشخصي وأداء الأدوار والمهام المتوقع للفرد القيام بها ضمن البيئة الاجتماعية التي يعيشها. هذا المفهوم الاجتماعي البيئي للإعاقة انعكس على منشورات الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي (AAMR) والتي أصبحت تسمى حالياً: الجمعية الأمريكية للإعاقات الذهنية والنمائية (aaidd) استناداً إلى تعريف الإعاقة عام 2002 بأنها القصور في وظائف الفرد في إطار السياق الإجتماعي. وبالمثل، فإن منظمة الصحة العالمية عام (2001) وحسب التصنيف الدولي للإعاقة، قد وصفت الإعاقة بأن لها جذورها الصحية -الاضطراب أو المرض- التي تؤدي إلى ضعف في الوظائف البدنية والبنية الجسمية والعجز في النشاط والمشاركة في سياق العوامل الشخصية والبيئية التي يعيشها الفرد.
وإن أهمية هذا التطور في تغيير مفهوم الإعاقة الذهنية يكمن في أنه كان ينظر لها إلى حد ليس بعيد على أنها سمات وخصائص مسلم بوجودها في الفرد على مدى الحياة، في حين أن الاتجاه الاجتماعي والبيئي لمفهوم الإعاقة ينظر إليها على أساس: (أ) التفاعل بين الفرد وبيئته. (ب) يركز على الدور الذي يمكن أن يلعبه الدعم الفردي في تحسين الأداء الوظيفي الفردي. (ج) يسمح بمواصلة فهم هوية الشخص المعاق والذي يتضمن قيمته الذاتية والسعادة الشخصية، والاعتزاز بالذات والمشاركة. مصطلح الإعاقة الذهنية: أصبح مصطلح الإعاقة الذهنية يستخدم على نحو متزايد بدلاً من التخلف العقلي، حيث أن المسميات التي ترجع إلى الإعاقة الذهنية تختلف عبر التاريخ على مدار المئتين سنة الماضية، بعد أن سميت الإعاقة الذهنية بالبلاهة وضعف العقل، والخلل العقلي، وقد ناقش (لوكاسون وريف، 2001) خمسة عوامل هامة يتعين أخذها في الاعتبار عند اختيار المصطلح: أولاً: يجب أن يكون محدداً له كينونته الخاصة، بحيث يكون مختلفاً عن الكيانات والمصطلحات الأخرى. ثانياً: يجب أن يستخدم من مختلف الأطراف والأفراد والأسر والمدارس والأطباء الإكلينيكيين والمحامين والأطباء والمؤسسات المهنية، والباحثين وصانعي السياسات. ثالثاً: يجب أن يعبر المصطلح بشكل كافٍ عن المعارف الحالية وأن يكون قادراً على استيعاب التطورات العلمية الحديثة رابعاً: يجب أن يكون قوياً بما فيه الكفاية للسماح باستخدامه لأغراض متعددة، بما في ذلك التعريف والتشخيص، والتصنيف وخطط الدعم والمساندة. خامساً: يجب أن يصف بشكل جوهري جماعة من الناس، ويحترم القيم الهامة الخاصة بهذه الجماعة. حيث أن مصطلح التخلف العقلي لا يعبر عن الكرامة أو الاحترام للشخص المعاق، بل يخفض من قدره (وينلي ليون ، 2005. هايدن نيليس، 2002 ؛ رابلي ، 2004. وفورهيس، 2006).
فهناك توافق في الآراء على أن الأمر لا يقتصر على أن مصطلح الإعاقة الذهنية يحقق هذه المعايير الخمسة، بل أن هذا التعبير هو الأفضل لعدة أسباب، أهمها أن مصطلح الإعاقة الذهنية: (أ) يعبر عن التغير الحاصل في مفهوم الإعاقة التي تصفها الجمعية الأمريكية للإعاقات الذهنية والنمائية American Association for Intellectual and Developmental Disabilities (AAIDD) ومنظمة الصحة العالمية World Health Organization .(WHO) (ب) يتفق مع أفضل الممارسات المهنية التي تركز على السلوكيات الوظيفية والعوامل البيئية المحيطة (ج) يقدم أسساً منطقية للاستعداد لتقديم الدعم الفردي في الإطار البيئي الاجتماعي (د) يخلو من التهجم والإساءة نحو الأشخاص المعاقين (ه) أكثر اتساقا مع المصطلحات العالمية. التعريف: لقد عرفت الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي الإعاقة الذهنية في العام 2002 على أنها: \"الإعاقة الذهنية تتميز بقصور واضح في الأداء العقلي والسلوك التكيفي الذي يظهر في المهارات الإدراكية، والاجتماعية والتكيفية العملية. وينشأ قبل سن 18\". وهناك مجموعة من المسلمات تعتبر جزءاً أساسياً لتفسير هذا التعريف لأنها توضح السياق الذي نشأ فيه وتبين كيف ينبغي تطبيقه. وهكذا، فإن تعريف الإعاقة الذهنية لا يمكن أن يقف وحده بدون المسلمات الخمسة التالية الضرورية لتطبيقه: 1. القصور في الوظائف الحالية يجب أن ينظر إليه في سياق بيئة المجتمع التي يعيش فيها الفرد مع الأقران من نفس السن والثقافة. 2. التقييم الفعال يأخذ بعين الاعتبار التنوع الثقافي واللغوي، كالإختلافات في العوامل التواصلية، والحسية ،والحركية والسلوكية. 3. في إطار الفرد الواحد، غالباً يترافق مع نواحي القصور نواحي قوة أيضاً 4. إن الهدف الأساسي الهام من وصف نواحي القصور هو تطوير خطة حول الاحتياجات والخدمات التي ينبغي تقديمها للشخص المعاق. . 5. مع مراعاة تقديم الدعم والخدمات بشكل يراعي فردية المعاق، فإن الوظائف الحياتية للشخص المعاق سوف تتحسن عبر الزمن.
ومن خلال الطريقة التي نعرف بها المصطلح فإنه يمكننا الوصول إلى نتائج هامة، فالتعريف قد يجعل الفرد: (أ) مؤهلاً أو غير مؤهل للخدمة (ب) خاضع لشيء ما أو لا يخضع له ( ج) معفى أو مستثنى من نظام ما أو غير مستثنى منه ( د) مندمج أو غير مندمج في المجتمع (ه) يحق له أو لا يحق ، كمستحقات الضمان الاجتماعي. منهجيات تاريخية: تاريخيا هناك أربعة منهجيات كانت تستخدم لأغراض التعريف وتصنيف الإعاقة الذهنية هي ( الطبية، الاجتماعية، العقلية ، والمعيارية المزدوجة). وإن آثار هذه المنهجيات الأربعة لا تزال واضحة في النقاش الجاري حول من هو (أو ينبغي أن يكون) مشخصاً على أنه فرد من ذوى الإعاقة الذهنية. المنحى الاجتماعي: كان يعرف الأشخاص تاريخياً على أنهم معاقين عقلياً نتيجة عجزهم عن التكيف مع بيئاتهم الاجتماعية. لأن هذا المنحى يركز على الذكاء ودور الناس الأذكياء في المجتمع، ولاحقاً أصبح هذا التعريف هو أقدم تعريف تاريخي يركز على السلوكيات الاجتماعية والسلوكية والسلوك الطبيعي النموذجي (دول، 1941. غودي ، 2006. غرينسبان ، 2006). المنحى الطبي السريري: مع ظهور النموذج الطبي، تحول التركيز من عرض واحد إلى متلازمة أو جملة من الأعراض الطبية المتلازمة مع بعضها البعض، وهذا المنهج لا يتعارض مع المعيار الاجتماعي ولكنه تدريجياً انفصل عنه إلى نموذج مستقل بذاته يركز بشكل أكبر على الدور العضوي، الوراثي، وعلى علم الأمراض (ديفلييغر وآخرون. ، 2003). المنحى العقلي: مع ظهور الذكاء كبناء تطبيقي وتطور حركة الاختبارات العقلية، تغير النهج نحو التركيز على قياس الأداء الذهني عن طريق اختبارات الذكاء، وهذا التأكيد أدى إلى ظهور درجات الذكاء IQ المرتكزة على أساس المعايير الاحصائية كوسيلة لتحديد أو تعريف المجموعة وتصنيف الأفراد ضمنها (ديفلييغر ، 2003). المنحى المعياري المزدوج: إن أول محاولة رسمية للإستخدام المنهجي لكل من الأداء الوظيفي العقلي والسلوك التكيفي لتعريف الفئة كان عام 1959 عبر الجمعية الأمريكية للقصور العقلي (AAMd)حيث كان يعرف التخلف العقلي على أنه يرجع إلى نقص في معدل الذكاء العام الذي يظهر خلال فترة النمو ويرتبط بضعف في النضج والتعلم والتكيف الاجتماعي. وفي عام 1961 تم احتواء النضج والتعلم والتكيف الاجتماعي تحت مسمى واحد جديد هو السلوك التكيفي، والذي تم استخدامه في كل منشورات الجمعية الأمريكية لاحقاً. وتضمن اتجاه المعيار المزدوج الرحلة العمرية (مرحلة النضج) كعنصر مصاحب. الإتساق في التعريف عبر الزمن: رغم أن المصطلح أو الاسم قد تغير مع مرور الزمن، إلا أن تحليل التعريفات المستخدمة خلال ال 50 سنة الماضية يبين أن العناصر الأساسية الثلاثة حول الإعاقة الفكريه، والتخلف العقلي هي - (عجز الأداء العقلي الوظيفي ، المحددات السلوكية في التكيف مع متطلبات البيئة والمرحلة ا لعمرية)- لم تتغير كثيراً. وإن التغييرات الطفيفة التي حدثت في تغير مفهوم الاعاقة الذهنية هب انعكاس لثلاث ظواهر: (أ) التقدم في فهم الأداء الذهني والسلوك التكيفي. (ب)التقدم في نظريه القياس والاستراتيجيات التي تسمح باستخدام الإجراءات الإحصائية للسيطرة على أخطاء القياس (الخطأ المعياري)، وتأثيرات الممارسة والتغيرات المعيارية مع مرور الزمن. (ج) الدور الأساسي للحكم الإكلينيكي، والدرجات التي يتم الحصول عليها، وتفسير أدوات القياس النفسي (شالوك لوكاسون & 2005 ؛ شالوك وآخرون. ، 2007).
هناك أهمية كبيرة يلعبها مصطلح الإعاقة الذهنية في السياسة العامة للدولة، فعلى سبيل المثال: إن تشخيص الإعاقة الذهنية في الولايات المتحدة يستخدم بشكل عام من أجل تحديد الأهلية في إطار برامج المعاقين المقدمة في الدولة مثل: قانون تعليم الأشخاص المعاقين، وتأمين الضمان الاجتماعي للإعاقة والخدمات الطبية، إضافة إلى أن مصطلح التخلف العقلي مصطلح يستخدم أيضاً للحصول على الجنسية والأهلية القانونية والحقوق المدنية والعدالة الجنائية ، والعناية المبكرة والتعليم والتدريب والتوظيف والدخل والرعاية الصحية والإسكان والتقسيم حسب المنطقة (شرودر وآخرون. 2002). إن مصطلح الإعاقة الذهنية هو المصطلح المفضل للإعاقة ويرجع تاريخياً إلى مفهوم التخلف العقلي، وإن المسلمات التي تم الإعلان عنها عن طريق الجمعية الأمريكية للإعاقات الذهنية والنمائية بقيت كما هي، وبقي مصطلح الإعاقة الذهنية يغطي نفس الأشخاص الذين كان يتم تشخيصهم على أنهم متخلفين عقلياً من حيث عددهم، ودرجة إعاقتهم، ومدى الحاجة لتقديم الدعم الفردي لهم، علاوة على ذلك فإن كل فرد مرشح لتشخيصه كمتخلف عقلياً هو مرشح لتشخيصه بأنه معاق ذهنياً. إن حقيقة أن بنية الإعاقة الذهنية تنتمي إلى البنية العامة للإعاقة تساعد الفرد لفهم سبب بروز مصطلح الإعاقة الذهنية كمصطلح مفضل ليحل محل التخلف العقلي، ومن المتوقع أن يستمر النقاش في محاولة لبلورة بنية الإعاقة الذهنية، وتحسين مصداقية التشخيص والوصول إلى فهم أفضل على الدوام. |
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|