|
110524976 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>>
<< |
ضغوط مهنة التدريس |
الكاتب : د.محمد الشبراوي محمد الأنور |
القراء :
13846 |
ضغوط مهنة التدريس الكاتب : د.محمد الشبراوي محمد الأنور مقدمة : من أهمِّ ما يُميِّز حياة الإنسان مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين سرعة إيقاع الحياة وثورة الاتصالات التي جعلت العالم كمدينة صغيرة ، وكذلك دخول التكنولوجيا في كلِّ أنشطة الحياة اليومية في جميع المجالات من : التعليم، الصناعة، التجارة، الزراعة، الطب ،المواصلات والاتصالات، وأيضًا تحوُّل الاقتصاد العالمي إلى نظام السوق الحرة ; كل هذه المتغيرات الكبيرة في نمط الحياة تشكل تحدٍ لقدرات الإنسان ومن ثمَّ فإن عليه استيعابها والتعامل معها ، فهي إذن تشكل ضغوطًا نفسية لإنسان هذا العصر وعليه التكيف معها، وفى الوقت الذي يمكنه فيه التكيف مع بعض الضغوط فإنه قد لا يستطيع التكيف مع البعض الآخر وبالتالي تظهر الآثار السلبية للضغوط على الاتزان النفسي للفرد حسب شدة هذه الضغوط كأن يعانى من التوتر والقلق أو الملل أو التمارض والغياب عن العمل أو تركه كلية كما تظهر الآثار السلبية على العمل نفسه في شكل قلة الإنتاج وتدهور الاقتصاد القومي مما يعوق جهود تنمية المجتمع وتقدمه (5: 85) .
والضغوط النفسية للعمل كجانب هام من ضغوط الحياة هي ظاهرة نفسية مثلها مثل القلق والعدوان وغيرها لا يمكن إنكارها بل يجب التصدي لها من قبل المختصين لمساعدة العامل على التكيف مع عمله وصولاً إلى زيادة الإنتاج وجودته وبالتالي تنمية المجتمع وتقدمه ( 7 : 34) وإذا كانت مجالات العمل المختلفة تزخر بمصادر الضغوط التي يمكن إرجاع بعضها إلى العامل والآخر إلى المؤسسة والبعض الثالث إلى البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الفرد ( 5 :180) فإنه حسب تصنيف منظمة العمل الدولية تعد مهنة التدريس من أكثر مجالات العمل ضغوطًا فهي أكثر المهن الضاغطة(5 -80) وذلك من خلال ما تذخر به البيئة التعليمية من مثيرات ضاغطة يرجع بعضها إلى شخصية المعلم التي تحدد قدرته على التكيف مع المتغيرات السريعة والكبيرة في مجال التعليم ومؤسساته وما ينظم أو يقيد عملها من قرارات ولوائح وقوانين ويرجع البعض الآخر إلى البيئة الاجتماعية الخارجية التي يعيش فيها المعلم ومدى تقديرها لدوره وللأهمية التعليم ، وإذا كان مهمًا التصدي لظاهرة الضغوط النفسية للعمل عامة، فالتصدي لضغوط مهنة التدريس أهم بكثير، وذلك من منطلق أن نظرة المسئولين إلى التعليم لم تعد كقطاع استهلاكي بل هو أهم من أهم مجالات الاستثمار، كما أن التعليم هو الأداة الأولى والأكثر فاعلية في تطور وتنمية المجتمع ( 15 : 120) وذلك حين يمد سوق العمل بما يحتاجه من الخبرات المتطورة والحديثة، يضاف إلى ذلك الدعوة المباركة من السيد الرئيس إلى دخول مصر عصر التكنولوجيا بقوة في جميع مجالات الحياة وأهمها قطاع التعليم وما يلقيه على عاتق المعلمين من أعباء، ومن هنا كان اهتمام البحث الحالي بدراسة ضغوط مهنة التعليم على نفسية المعلم، والتي يسميها البعض الإنهاك النفسي أو الاحتراق النفسي للمعلم ( 6، 8، 14) . ولما كانت ضغوط العمل يمكن إرجاعها إلى واحد أو أكثر من العوامل الثلاثة : الفرد - المؤسسة - البيئة المحيطة ، فقد اهتم الباحث بالعوامل الخاصة بالفرد متمثلة في عوامل شخصيته : الثبات الانفعالي، السيطرة، الحساسية، الدهاء، الراديكالية، التوتر وكذلك جنس المعلم وتخصصه ومدى خبرته . الدراسات السابقة حول الموضوع : 1- دراسة ساندرز وواتكنز: تهدف دراسة وواتكنز إلى بيان علاقة "ضغوط الحياة وأسلوب حياة المعلم" بضغوط مهنة التدريس ، حيث طبقت على 1400 معلم بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية بولاية لينويا الأمريكية بمقياس clark للضغط المهني واستبيان everly لأسلوب حياة المعلم وقد أوضحت أن المعلم الذي يعانى من ضغوط في حياته العامة هو أكثر أحساسَا بضغوط المهنة وأن ضغوط المهنة ترجع لمصادر أهمها العائد الاقتصادي للمهنة وعلاقة المعلم بطلابه وتلاميذه . 2- دراسة بول بوردن : وكان هدفها دراسة العوامل المؤثرة على النمو المهني للمعلم ; فقد استخدم بوردن أسلوب المقابلة المتعمقة مع 15 معلم بالمرحلة الابتدائية تترواح مدة الخبرة لديهم بين 4 : 28 سنة ، حيث قسمت سنوات الخبرة إلى ثلاثة مستويات ( 1- 5 ) ، ( 6-10) ، ( 11 سنة فأكثر) ، ومن خلال المقابلات المكثفة والطويلة مع المعلمين تبين التأثير الإيجابي على النمو المهني للمعلم لكل من : سنوات الخبرة ، خصائص شخصية المعلم ، اتجاهاته نحو مهنة التدريس ، العلاقة بالزملاء والطلاب . 3- دراسة سكوب ريتشارد ولونسكى ادوارد : وقد هدفت إلى الإجابة على التساؤل : هل الراتب عامل ضغط أم دفع للمعلم ؟ حيث أجريت الدراسة على 24 من قيادات التعليم و165 معلم من مقاطعة نيوهامبشير الأمريكية ، وذلك من خلال كفاءة العمل كمًا وكيفًا ، ورضا المعلم عن البيئة المدرسية بكل محتوياتها من طلاب وزملاء وإدارة العمل اليومي واتجاهات المعلم نحو التدريس وضغوط العمل ، وقد تم ذلك من خلال المقابلات مع أفراد العينة ، وكذلك الإجابة على استبيان اتجاهات المعلم نحو : الطلاب، البيئة المدرسية، التعليم وقد أوضحت النتائج أن من أهم أسباب النمو المهني للمعلم واتجاهاته الموجبة نحو مهنة التعليم هو الراتب الكافي وأيضًا الاتجاهات الايجابية والمساندة من المجتمع المحيط بالمدرسة . 4- دراسة هيبس وهابلين : وكانت بهدف دراسة ضغوط مهنة التدريس وعلاقتها بمركز الضبط ومستوى الإنجازات المتوقعة من المعلم ، حيث طبق -على عينة مكونة من 219 معلم ومعلمة بالمرحلة الثانوية و85 مشرفًا تربويًا- مقياس الضغوط المهنية ومقياس روتر لمركز الضبط ومقياس مستوى الإنجاز، فأوضحت النتائج المطلوبة وجود علاقة ارتباطية سالبة بين درجات المعلم والضغوط المهنية ومستوى إنجازاته ، وبين ذوي مركز الضبط الداخلي . 5- دراسة هيبس ومالبن : وهدفت إلى دراسة علاقة مهنة التدريس ومركز الضبط لدى المعلم بظاهرة الاحتراق النفسي حيث طبقت على 242 معلمًا بالمرحلة الثانوية و65 مشرفًا تربويًا مقاييس : الاحتراق النفسي لماسلاش وجاكسون ومركز الضبط لروتر وضغوط العمل ، فأوضحت النتائج أن المعلمين الأكثر إحساسًا بضغوط العمل هم الأكثر احتراقًا نفسيًا بأبعاد : الإنهاك العصبي ، وتبلد المشاعر، ونقص الإنجازات ، وهم أيضًا ذوو مركز ضبط خارجي . 6- دراسة دنيهام ستيف : وقد بحث فيها أسباب استقالة المعلمين من مهنة التدريس حيث أن الاستقالة هي استجابة واضحة للتعرض لضغوط قوية جداً وقد أجريت الدراسة على 57 معلم حديثي الاستقالة من التعليم الابتدائي بمقاطعة نيووويلز باستراليا وتمت في المقابلات الشخصية سؤال هؤلاء المعلمين عن رؤيتهم للأسباب التي أدت بهم إلى ترك المهنة وقد بينت النتائج أن من أهم أسباب الاستقالة كان وصول المعلم إلى نقطة حرجة في اتجاهات نحو مهنة التدريس تلك التي يعجز المدرس فيها عن مسايرة التغيرات في العملية التعليمية ومقاومتها ، وأيضًا معاناته من الاتجاهات السلبية للمجتمع نحو مهنة التدريس ونقص العائد المادي وسوء أخلاق الطلاب وسوء العلاقة مع الزملاء . 7- دراسة فيلدنج وجل : وكانت عن ضغوط مهنة التدريس والاحتراق النفسي وعلاقة المعلم بطلابه لدى المعلمين من الجنسين ، حيث طبقت على عينة من 162 معلم ومعلمة بالمرحلتين الإعدادية والثانوية مقاييس الاحتراق النفسي لسلاش جاكسون وضغوط المهنة وعلاقة المعلم بطلابه، فأوضحت النتائج أن المعلمات أكثر من المعلمين إحساسًا بضغوط المهنة وأكثر احتراقًا نفسيًا وأن المعلمين من الجنسين ذوي الاتجاهات السالبة نحو الطلاب هم الأكثر معاناة من ضغوط المهنة وأكثر احتراقًا نفسيًا. 8- دراسة كاد فيد ولوننبرج : هدفت إلى دراسة العلاقة بين ضغوط المهنة ومركز الضبط لدى المعلم ، حيث طبقت على عينة من 191 معلمًا بالمرحلة الثانوية مقاييس مركز الضبط ( داخلي / خارجي) وضغوط مهنة التدريس فأوضحت النتائج وجود فروق دالة إحصائيًا بين المعلمين ذوي مركز الضبط الداخلي وذوي مركز الضبط الخارجي وفي ضغوط المهنة وهي لصالح ذوي مركز الضبط الخارجي . 9- دراسة شوقيه إبراهيم 1993 : كانت بهدف دراسة الضغط النفسي لدى الفئات الخاصة ومعلمي التعليم العام في ضوء جنس المعلم ومدة خبرته وعلاقته بتلاميذه وبزملائه وحاجاته الإرشادية، حيث طبقت -على 80 معلم من معلمي الفئات الخاصة ، و100 معلم بالتعليم العام بالمنصورة - مقاييس الإنهاك النفسي للمعلم، العلاقات الشخصية بمدرسته ويشمل علاقته بتلاميذه وزملاؤه وإدارة مدرسته ، فأوضحت النتائج أن معلمي التربية الخاصة أكثر ضغوطًا من معلمي التعليم العام كما أوضحت ارتباطًا سالبًا بين مدة خبرة المعلم والضغوط النفسية لمهنة التدريس وبالنسبة لنوعية المعلمين فالمعلمون الأكثر ضغوطًا هم الأكثر اضطرابًا في علاقاتهم بتلاميذهم وبزملائهم وبإدارة المدرسة ، وقد أوضحت الدراسة أن أهم مصادر ضغوط مهنة التدريس هي : علاقة المعلم بطلابه وبزملائه وبإدارة مدرسته، وصراع وعبء الدور واتجاهات المجتمع نحو هذه المهنة . 10- دراسة يوسف نصر مقابلة : وقد بحث فيها عن العلاقة بين مركز الضبط كسمة للمعلم وظاهرة الاحتراق النفسي كنتيجة للتعرض لضغوط المهنة وعدم القدرة على التوافق معها - حيث أجريت على عينة من 309 من معلمي المرحلة الثانوية بالأردن منهم 199 معلم و 110 معلمة - وقد طبق عليهم مقياس الاحتراق النفسي لماسلاش وقد أوضحت النتائج أن المعلمين من الجنسين ذوي الضبط الخارجي كانوا أكثر احتراقًا نفسيًا من غيرهم . 11- دراسة عزت عبد الحميد : وهدفت إلى بحث العلاقة الاجتماعية السائدة التي يلقاها المعلم ، وضغوط مهنة التدريس برضائه عن عمله حيث أجريت الدراسة على عينة من 187 معلم ومعلمة بالمرحلة الابتدائية منهم 97 ذكور و90 إناث ، وطبق عليهم استبيان ضغوط العمل لهامل وبراكن ومقياس المساندة الاجتماعية والرضا عن العمل للِسْتَرْ. وأوضحت نتائج الدراسة : أن المعلمين أكثر ضغوطًا من المعلمات في بعد استغلال المهارات ، ولم توجد فروق بين الجنسين في الدرجة الكلية لضغط العمل، كما وجد ارتباط سالب بين ضغوط العمل ورضا المعلم عن عمله لدى الجنسين ، والمعلمات كنَّ أكثر رضا عن العمل من المعلمين، وسنوات الخبرة أيضًا ترتبط إيجابيًا برضا المعلم عن عمله أما المساندة الاجتماعية فلا تخفف من ضغط العمل إلا في بُعدَيْ : المساندة المالية ومساندة أسرة المعلم له . 12- دراسة فوقية محمد راضى : وكانت بهدف دراسة الإنهاك النفسي لمعلمي الفئات الخاصة من الجنسين في ضوء بعض المتغيرات مثل : نوع إعاقة الطفل ، إعداد المعلم ، سنوات الخبرة مع المؤسسة ( حكومية / خاصة ) ، كثافة الفصل، وسمات شخصية المعلم ; كما يقيسها اختبار شخصية المعلم كما يقيسها الاختبار متعدد الأوجه أجريت الدراسة على 60 معلم متوسط أعمارهم ( م = 33.89) و60 معلمة ( م = 30.86) بالمنصورة والقاهرة والزقازيق وقد طبق عليهم : مقياس الإنهاك النفسي لمعلمي الفئات الخاصة -الخاص بالباحثة- ومقياس نمط السلوك للباحثة ومقياس اتجاهات المعلم نحو الطلاب المعاقين للباحثة واختبار الشخصية متعدد الأوجه تعريب لويس كال وعطية هنا وعماد الدين إسماعيل . وقد أوضحت النتائج الآتي : 1- أن المعلمات كن أكثر إنهاكًا نفسيًا من المعلمين . 2- ارتباط سالب بين مدة خبرة المعلم والإنهاك النفسي . 3- معلمي المؤسسات الحكومية أكثر إنهاكًا نفسيًا من معلمي المؤسسات الخاصة. 4- الإنهاك النفسي للمعلم يرتبط ايجابيًا بكثافة الفصل . 5- الإنهاك النفسي للمعلم يرتبط إيجابيا بأبعاد شخصية المعلم : توهم المرض - الاكتئاب - الهستيريا - الانطواء الاجتماعي.
بهدف التحقق من صحة فروض الدراسة استخدم الباحث الأساليب الإحصائية التالية : 1- معامل الارتباط لبيرسون لحساب ارتباط ضغوط مهنة التدريس بسمات شخصية المعلم . 2- اختبار( ت) لحساب الفروق ودلالتها بين الجنسين في درجات ضغوط مهنة التدريس والفروق ودلالتها بين مستويات الخبرة ( 5 سنوات فاقل )،( 6-10 سنة ) ،( 11 سنة فأكثر) في درجات ضغوط المهنة وفى حساب الفروق بين درجات الضغوط بين التخصصات الدراسة ( علمي - أدبي - مجالات ) وكذلك الفروق بين الأرباعي الأعلى للرضا الوظيفي ودرجات الضغط . النتائج ومناقشتها : للتحقق من مدى صحة الفرض الأول والقائل بوجود ارتباط موجب بين درجات ضغوط المهنة التدريس وسمات الشخصية للمعلم : الثبات الانفعالي- السيطرة - الدهاء ، وارتباط سالب مع سمات الشخصية للمعلم : الحساسية الراديكالية - التوتر ، وبحساب معاملات الارتباط لبيرسون كانت كما في الجدول التالي : جدول رقم 2 يبين معاملات الارتباط بين ضغوط مهنة التدريس وسمات شخصية المعلم . * دال عند 0.05 * دال عند 0.01
فقد أثبتت النتائج صحة هذا الفرض جزئيًا حيث وجد ارتباط موجب دال إحصائيا عند مستوى 010 وبين درجات العينة في ضغوط مهنة التدريس ودرجاتهم في سمة الدهاء وسالبة مع درجات الحساسية وكذلك التوتر ولم يوجد ارتباط مع سمات : الثبات الانفعالي - السيطرة - الراديكالية ; فوجود الارتباط الدال بين ضغوط المهنة وسمة الدهاء يتفق مع الدراسات السابقة فهي من السمات السوية للشخصية حيث يتصف الفرد حسب ما ورد بالمقياس (13: 17) بالمرونة وسعة الأفق والدبلوماسية والاجتماعية والميل إلى خدمة ومساعدة الآخرين وكلها سمات تحقق لصاحبها النجاح في عمله وتحمل ضغوط العمل وخاصة في مجال التدريس، أما الارتباط السالب الدال إحصائيا مع سمة الحساسية فهذا يتفق أيضا مع الدراسات وخاصة دراسة عزت عبد الحميد التي تناولت السمات المرضية للشخصية ، حيث أن هذه السمة تعبر عن انحراف في الشخصية للذين يحصلون على درجة مرتفعة كما جاء في المقياس ( 13: 13) حيث يتصف هؤلاء الأشخاص بالاعتمادية والتردد وضيق الأفق والقلق ، كما أن لديهم الشعور الدائم بالتهديد وصعوبة التعامل مع الآخرين ; كما أن الارتباط السالب بين ضغوط العمل وسمة التوتر ارتباط منطقي ويتفق مع الدراسات السابقة وخاصة ما جاء بالمقياس المستخدم من أن الأشخاص المتوترين يتميزون بالقلق وكثرة الشعور بالإحباط وسرعة الاستثارة والأرق وسوء التوافق الاجتماعي والتواصل مع الآخرين; وكلها صفات تعوق صاحبها عن النجاح في عمله وعدم القدرة على حمل ضغوط العمل أو التكيف معها وخاصة في مجال التدريس الذي يحتاج إلى سمات المرونة وسعة الأفق الاجتماعية . أما عدم وجود ارتباط دال بين ضغوط مهنة التدريس وسمة الثبات الانفعالي للمعلم ، فهذا ما لم يتوقعه الباحث لتعارضه مع الأبحاث السابقة والتراث إلى قدرة الفرد على مواجهة المشكلات والإحباطات اليومية وقدرة الفرد على التواصل مع الآخرين وقدرته على تحقيق أهدافه بسهولة ، ومن ثمَّ تحتاج هذه النتيجة إلى دراسات أخرى للتحقق منها في عدم وجود ارتباط بين ضغوط العمل وسمة السيطرة فما كان يتوقعه الباحث في ضوء الدراسات السابقة والإطار النظري فالمبالغة في السيطرة يعد انحرفًا عن السواء فكما يحدد المقياس ( 13 : 9 ) مفهوم السيطرة والأفراد المتسمون بهذه السمة بأنهم أكثر توكيدا للذات ، وأكثر عدوانية وأكثر ميلا للتنافس وأنهم يصفون أنفسهم بالقوة والفاعلية والتأثير في الأخرين إلا أن هذه الصفات مطلوبة في المعلم كمرادف لقوة الشخصية والقدرة على ضبط النظام في حجرة الدراسة ، وقد تأكد هذا في ارتفاع الملحوظ في درجات المعلمين ككل من مستويات الخبرة المختلفة في التخصصات المختلفة وبالتالي لا توجد فروق في درجات هذه السمة لدى أصحاب الإحساس المرتفع أو المنخفض بضغوط العمل ، كما أن عدم ارتباط سالب بين درجات ضغوط مهنة التدريس وسمة الراديكالية كما يعرف المقياس الشخص الراديكاليين هم تحليلين ومتحررين ومجددين وإنهم أكثر فاعلية في حل المشكلات لدى الأخريين . وهذه القدرة هامة جدا لعمل المعلم ومن هذا المنطلق توقع الباحث عدم رضاء المعلم عن القيود واللوائح الثابتة التي تحكم عمله كمدرس ولكن يبدو أن هذه اللوائح والقوانين هي بمثابة أطر تنمية تحقق الاستقرار والانتظام للعمل التربوي ولكن الراديكالية تظهر داخل الفصل في طريقة عرض الدرس والتعامل مع الطلاب في شكل إبداع وترك الطرق التقليدية المملة ، فكما أورد مؤلفا المقياس في وصف الراديكالين بأنهم لا يتبعون طرق ثابتة في الأشياء فعدم وجود ارتباط بين درجة ضغوط مهنة التدريس وسمة الراديكالية ، وكذلك عدم وجود فروق دالة بين الأرباعي الأدنى والأرباعي الأعلى لضغوط العمل في سمة الراديكالية، فقد يرجع ذلك إلى أن المعلمين يحترمون ثوابت العمل وخطوطه العريضة ويوجهون راديكاليتهم إلى علاقات وموضوعات العمل التعليمي .
وللتأكد من مدى صحة العلاقة الارتباطية بين درجات ضغوط مهنة التدريس وسمات شخصية المعلم قام الباحث بتقسيم العينة حسب درجات الضغوط إلى أرباعايات وأوجد الفروق الأرباعي الأدنى والأعلى في سمات الشخصية فكانت كالتالي : جدول رقم(3) يوضح قيمة الفروق وقيمة (ت) في درجات سمات شخصية المعلم بين الأرباعي الأدنى والأعلى في ضغوط مهنة . يتضح من الجدول وجود فروق بين درجات الأرباعي الأدنى والأعلى لضغوط مهنة التدريس في سمات الشخصية بالسيطرة وهى لصالح الأكثر ضغوطًا أيضًا والدهاء وهى أيضا لصالح الأكثر ضغوطًا ، وهذه النتائج تتفق مع نتائج معاملات الارتباط السابق تفسيرها وفى سبيل التحقق مدى صحة الفرض الثاني والقائل بوجود فروق دالة إحصائيًا بين متوسطي درجات المعلمين والمعلمات وهى لصالح المعلمات أوضحت النتائج التي بينتها الجدول التالي خطأ هذا الفرض . جدول رقم (4) يبين الفروق بين متوسط درجات المعلمين والمعلمات في ضغوط المهنة. من الجدول يتضح وجود فروق دالة إحصائيًا بين متوسطات درجات ضغوط مهنة التدريس بين الجنس وهى لصالح المعلمين فهم أكثر إحساسًا بضغوط المهنة من المعلمات وهذا يعنى خطأ هذا الفرد وهذه النتيجة تتفق مع دراسة عزت عبد الحميد وتتعارض مع نتائج دراسات : فيلدنج وجل ، وفوقية إبراهيم ، ونصر يوسف (8 ، 15) ويرى الباحث أنها نتيجة منطقية تتمشى مع النمط الثقافي للمجتمع ، فالمعلم يرى في عمله مصدراً لعيشة ولأسرته ومن ثمَّ فهو كل اهتمامه ويعطيه كل وقته وجهده وبالتالي يهتم بكل ما يتعلق بعمله ويتأثر به ويشعر بالضغوط الناشئة عنه من نقص الراتب عن الوفاء بالتزاماته الاقتصادية واضطراب العلاقات بالزملاء أو بإدارة المدرسة في حين أن المعلمة ليست مسئولة اقتصاديًا عن الأسرة كما أن اهتمامها بأسرتها وشئونها يفوق بكثير ما يجرى في العمل كما يساعدها الزوج في التغلب على ما يواجهها من مشكلات. وللتحقق من مدى صحة الفرض الثالث والقائل بوجود علاقة ارتباطية سالبة بين ضغوط ورضاء المعلم عن عمله فقد أوضحت النتائج وجود ارتباط دال إحصائيا عند مستوى 0.01 قدرة 0782 ولتأكيد هذه النتيجة قام الباحث بتقسيم العينة إلى أرباعيات أو حسب درجات الضغوط وجد الفروق بين درجات الأرباعي الأدنى والأعلى في درجة الرضا الوظيفي فكانت النتائج كما في الجدول :
جدول رقم (5) يوضح الفروق بين درجات الأرباعي الأدنى والأعلى في درجات الضغوط .
توضح النتائج صحة هذا الفرض وهذا يتفق مع دراسة عزت عبد الحميد (*) مع التراث النفسي ومفهوم رضا المعلم بأنه حصيلة الاتجاهات التي كونها المعلم عن عمله من خلال مدى إشباع العمل لحاجات المعلم (الجسمية) من مأكل وملبس ومسكن التزامات مادية يومية، و(النفسية) إلى النجاح والترقي والأمن وعلاقات مشبعة مع الزملاء والطلاب والإدارة والتقدير والاحترام من الآخرين ; فالعمل الذي يشبع لدى الأفراد هذه الحاجات لا يسبب ضغوطًا نفسية، وإن كانت هناك أي ضغوط فهي من قبيل مشكلات الحياة اليومية التي يستطيع الإنسان العادي السوي أن يتكيف معها. وللتحقق من صحة الفرض الرابع والقائل بوجود فوارق دالة إحصائيًا بين درجات المعلمين من التخصصات المختلفة في ضغوط مهنة التدريس، فقد أسفرت النتائج المختلفة في ضغوط مهنة التدريس عن صحة هذا الفرض كما يتضح في الجدول الآتي:
جدول رقم (6) يوضح الفروق ودلالتها بين درجات المعلمين من التخصصات المختلفة في درجات ضغوط مهنة التدريس
تشتمل المجالات على : التربية الرياضية وأخصائي الأجهزة العلمية والمكتبات والمجال الزراعي والصناعي والفني والكمبيوتر . يتضح من هذه النتائج أن التخصص الدراسي أو نوع المادة التي يقوم المعلم بتدريسها تلعب دورًا هامًا في مدى معاناته من ضغوط العمل ، فمدرسي المواد العلمية التطبيقية أقل شعورًا بضغوط العمل من مدرسي العلوم الإنسانية، وهؤلاء أقل شعورًا بالضغوط من مدرسي المجالات والأنشطة التي تخدم العملية التعليمية ; ويرى الباحث أن تفسير هذه النتيجة - في ضوء الخبرة السيكولوجية ومعايشته للمعلمين- تتمثل في أن المواد العلمية التطبيقية تحتاج من الطالب التركيز والاهتمام أكثر من غيرها فضلاً عن أنها تؤهله إلى كليات القمة ، فكل هذا يرفع من مكانة معلم العلوم الطبيعية ويجعله أكثر رضا عن عمله وبالتالي لا يتعرض لضغوط ناشئة عن العمل ومن ناحية أخرى فمعلمي العلوم الإنسانية أقل ضغوطًا من معلمي المجالات إلا أن الفروق غير دالة إحصائيًا. وفى سبيل التحقق من مدى صحة الفرض الخامس والقائل بوجود فوارق دالة إحصائيا بين متوسطات درجات ضغوط العمل لدى المعلمين حسب مدة خبرة المعلم فقد قسم الباحث المعلمين حسب مدة عملهم بالتدريس إلى ثلاثة مجموعات : (1- 5) ، (6-10) ، (11 سنة فأكثر) وأوجد بتحليل التباين واختبار الفروق بين المجموعات الثلاث ودلالاتها في متغير ضغوط مهنة التدريس فكانت كما بالجدول الآتي :
جدول رقم (7) يوضح المتوسطات والفروق بينهما في ضغوط مهنة التدريس لدى المعلمين وذوي الخبرة المختلفة يتضح من الجدول خطأ هذا الفرض حيث أن الفروق غير دالة إحصائيًا إلا أن بيانات الجدول توضح أن المعلمين ذوى الخبرة الأقل هم أكثر ضغوطًا يليهم ذوي الخبرة المتوسطة، وهذه النتيجة تتفق مع دراسة عزت عبد الحميد التي أثبتت علاقة موجبة بين مدة الخبرة ورضاء المعلم عن عمله ، وذلك يرتبط سلبًا مع ضغوط العمل ، حيث يكون المعلم الأكثر خبرة هو أكثر فهما لمتطلبات عمله والأكثر قدرة على أداء مهامه على الوجه الأفضل واقدر على التفاعل مع متغيرات عمله من زميله الأقل خبرة . التوصيات : في ضوء ما أسفرت عنه الدراسة من نتائج يوصى الباحث : 1- بضرورة استخدام مقاييس التحليل الإكلينكي لمحمد السيد وصالح أبو عبادة في انتقاء معلمي المستقبل من المتقدمين إلى كليات التربية ضمانًا لاختبار العناصر الأكثر قدرة على تحمل ضغوط العمل . 2- تعمل الجهات المعنية على تحسين أحوال المعلمين المعيشية وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية لهم وللأسرة حتى يتفرغوا لأداء أعمالهم . 3- أن تتظافر جهود وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في إبراز الدور التربوي الهام للمعلم والمدرسة في تنشئة أفراد المجتمع ونقل الثقافة عبر الأجيال وإعداد الكوادر والمهارات الفنية والعلمية اللازمة لنهضة المجتمع . المراجع العربية : 1- اندرودي سيزلاقى، مارك جى والاس: السلوك الأدائي والتنظيم-ترجمة جعفر أبو القاسم أحمد- معهد الإدارة العامة. الرياض، السعودية1412 -1991. 2- شوقيه إبراهيم: الضغوط النفسية لدى معلمي التربية الخاصة ومعلمي التعليم العام -رسالة دكتوراه غير منشورة- كلية التربية جامعة المنصورة 1993. 3- عزت عبد الحميد حسن : المساندة الاجتماعية وضغط العمل وعلاقة كل منهما برضا المعلم عن عمله - رسالة دكتوراه غير منشورة- كلية التربية بالزقازيق 1996 . 4- فوقية محمد راضى : بعض المتغيرات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالإنهاك النفسي لدى معلمي الفئات الخاصة وحاجاتهم الإرشادية - رسالة دكتوراه غير منشورة - كلية التربية جامعة المنصورة 1999. 5- محمد السيد عبد الرحمن : نظريات النمو - دراسة في علم نفس النمو المتقدم - الطبعة الأولى دار قباء القاهرة 1999 . 6- محمد السيد عبد الرحمن : دراسات في الصحة النفسية - الجزء الأول - دار قباء للطباعة والنشر القاهرة 1998. 7- محمد السيد عبد الرحمن : علم الأمراض النفسية والعقلية -الجزء الثاني- دار قباء للطباعة والنشر القاهرة 1999. 8- محمد السيد عبد الرحمن : دراسات في الصحة النفسية والعقلية -الجزء الثانى- دار قباء للطباعة والنشر القاهرة 1999. 9- محمد السيد عبد الرحمن ، صالح أبو عباءة : مقياس التحليل الإكلينكي -الجزء الأول- مكتبة الأنجلو المصرية القاهرة 1994. 10- محمد عبد السميع رزق : الإنهاك النفسي للمعلم وعلاقته بالمناخ النفسي والاجتماعي المدرسي - رسالة ماجستير غير منشورة - كلية التربية جامعة المنصورة 1987. 11- نصر يوسف مقابلة : العلاقة بين مركز الضبط والاحتراق النفسي لدى عينة من المعلمين - مجلة علم النفس عدد 39- الهيئة العامة للكتاب سبتمبر 1996.
عن مجلة علم النفس عدد 148 عدد يوليو-ديسمبر 2003 |
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|