|
110525402 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>>
<< |
الكحل مصدر رئيس للرصاص.. والدراسات الحديثة تؤكد أضراره البالغة |
الكاتب : د.خالد بن عبدالله المنيع |
القراء :
3993 |
الكحل مصدر رئيس للرصاص.. والدراسات الحديثة تؤكد أضراره البالغة د.خالد بن عبدالله المنيع تتميز بعض الشعوب بعادات اجتماعية متوارثة وتعمم هذه العادات حتى على الأطفال دون النظر فيما قد ينتج عنها من اضرار ومخاطر قد يكون الطفل ضحيتها لا سمح الله ومن تلك العادات استعمال الكحل على مناطق معينة في جسم الطفل فقد يوضع على الجفنين كتحديد لشكل العين واعطائها منظراً جمالياً أو وضعه على الحاجبين وقد يوضع على سرة الطفل اعتقاداً أن تلك المادة هي مطهرة فضلا انها توقف أي نزيف من تلك المنطقة وتوضع تلك المادة بصورة تلقائية دون الاستشارة الطبية اعتقاداً بانها لا تحمل أي أضرار. الكحل ومكوناته الكحل هو مسحوق أسود اللون قد يستعمل في قوارير صغيرة وقد يستعمل على هيئة اقلام للاغراض المذكورة سابقاً. يحتوي الكحل على مواد كيميائية كثيرة ومن أهم تلك المواد هي عنصر الرصاص ويكثر استعمال تلك العادة في بلاد الهند والباكستان ولا تخلو منطقتنا العربية من ذلك وتتشكل النسبة الكبرى في الأطفال الذين يعيشون في المناطق الصناعية أو المدن الكبرى وتكون بعض المصادر الاخرى للرصاص داعماً في رفع مستوى تلك المادة في الدم مثل حرق بعض المواد الكيميائية كالجازولين، دهانات الحائط وبعض الأواني المنزلية القديمة. الرصاص وامتصاصه عندما يكون استعمال الكحل للبالغين فإن تأثيره يكون بدرجة أقل من استعماله على بشرة الأطفال الرضع حيث ان الأخير في طور النمو ولم تكتمل المناعة لديه ويشكل الجلد خط دفاع أولي بالنسبة للبالغين وهو ما لا يتوفر عند الأطفال الرضع، كما أن المناطق التي يستعمل فيها ذلك الكحل هي مناطق مواتية ومناسبة لامتصاص عنصر الرصاص مباشرة إلى الدم حيث نراه غالباً على منطقة السرة التي لم تلتصق تماماً أو على الجفنين حيث وجود الشعيرات الدموية الدقيقة مما يسمح إلى نقله إلى الدورة الدموية بصورة مباشرة ومنها إلى أنحاء الجسم حيث يظهر تأثير تلك المادة السامة. تأثير الرصاص على الجسم يعتبر عنصر الرصاص من المعادن الثقيلة ودخوله إلى الدورة الدموية هو بداية لسلسلة مشاكل مرضية كثيرة على الدم والجهاز العصبي وغيره وهنا نتطرق إلى كيفية تأثير مادة الرصاص على جسم الرضيع أو على جسم الإنسان بشكل عام. حيث أن وجود الرصاص في الدم من الأمور غير الطبيعية ويقارب متوسط مستوى الرصاص في الدم الصفر فعند وصول مادة الرصاص للدورة الدموية ترتبط بنوع من البروتينات يدعى سلفهايدريل وتضعف من وظيفته بالإضافة إلى تأثيره على انزيم قاما امينوفولينيك ديهيتريتيز والذي يعمل على تكوين حلقة بورفوبيلينوجين والتي تشكل الخطوة الرئيسة لتكوين الهيموجلوبين أو ما يدعى خضاب الدم غالباً يشتكي من فقر الدم ولكن عند نزع مادة الرصاص من الدم فإن عودة تصنيع الدم تستمر بصورة طبيعية من جديد وتجدر الاشارة إلى ان تثبيط هذه العملية يؤدي إلى رفع الانزيم السابق وهو الامينو فولينيك ديهيتريز والذي يشكل مادة شديدة السمية للجهاز العصبي. وتتعدى اضرار الرصاص إلى أكثر من ذلك حيث يؤثر على انزيم مهم لتصنيع الدم وهو انزيم فيروكيلاتيز مما يؤدي إلى رفع مستوى مادة البورفيرين حيث تستخدم تلك المادة في تأكيد تشخيص التسمم بالرصاص عند ارتفاع مستواها في الدم وهو المسؤول الأكبر في الاعراض المصاحبة لهذا المرض والتي سنذكرها لاحقاً. الاعراض المصاحبة لا يوجد أي علاقة مباشرة للربط بين مستوى الرصاص في الدم والاعراض التي تظهر على المريض حيث أن الاطفال الذين يبلغ مستوى تلك المادة لديهم في الدم 100 ميكرو غرام لكل دسل قد يبدون بصحة جيدة دون ظهور أي عوارض سمية عليهم وبالمقابل الأطفال الذين يبلغ مستوى الرصاص في دمائهم قد تظهر الاعراض عليهم حتى عند مستويات منخفضة من الرصاص 30 - 35 ميكرو غرام لكل دسل. الاعراض الاكثر خطورة هي اعتلال المخ الحاد وقد يظهر هذا فجأة وفي حالات اخرى قد يسبق باعراض منها الاستفراغ، مغص متقطع أو امساك. وتتصف هذه الحالة باستفراغ مستمر، فقد التوازن عند المشي، تشنجات، هبوط في مستوى الوعي قد تنتهي بحالة اغماء اضافة إلى الاحساس بالتنميل في الأطراف وهي غالباً تصيب البالغين أو الاطفال المصابين اساساً بفقر الدم المنجلي. ويعاني الطفل المصاب من حركات وتصرفات غريبة بالإضافة إلى العصبية وقد يتطور إلى التخلف العقلي في حالة عدم المعالجة. نادراً ما يحدث اعتلال المخ الحاد بمستوى رصاص أقل من 100 ميكرو غرام لكل دسل لكن قد يحصل ذلك عند مستويات منخفضة للرصاص. تؤدي تلك المشاكل التي تصيب الجهاز العصبي إلى تدهور ذكاء الطفل مما يؤثر على الأطفال الأكبر سناً في حياتهم الدراسية وقد اثبتت الدراسات ان ازدياد مستوى الرصاص في الدم من 10 - 20 ميكرو غرام لكل دسل يعمل على نقص مستوى الذكاء درجتين. التشخيص القصة المرضية تعتبر من أهم العوامل التي تقود الطبيب إلى تشخيص الحالة خصوصاً الأطفال الذين يتعرضون إلى مصادر مادة الرصاص المذكورة سابقاً وفي هذه الحالة يجب الاستفسار ليس فقط عن المكان الذي يسكن فيه المريض وانما الأماكن التي يمضي فيها المريض أوقاتا طويلة كالمدرسة وعند وجود شك في تلوث الدم بهذه المادة فإن عينة الدم كفيلة بكشف مستوى الرصاص في الدم وتأكيد ذلك. وكما ذكرنا آنفا ان ارتفاع مستوى البورفيرين يدعم هذا التشخيص بشكل جزئي حيث ان الأخير قد يرتفع في حالات اخرى مثل فقر الدم الناتج عن نقص الحديد. في بعض الحالات يحتاج الطفل المصاب إلى عمل أشعة سينية لعظام الأطراف خاصة الاطراف السفلى حيث تظهر خطوط بيضاء ناتجة عن ترسب مادة الرصاص لذا تدعى خطوط الرصاص وحيث ان فحص مستوى الرصاص في الدم قد لا يتوفر في معظم المستشفيات لذا كان قياس مادة البورفيرين من الاهمية بمكان حيث ان النتيجة تكون 100? موجبة عندما يكون مستوى الرصاص في الدم 50 ميكرو غرام وأكثر وعندما يصل مستواها إلى 30 ميكرو غرام فإن نصف المرضى يكون لديهم الفحص ايجابيا بينما عدد قليل من الحالات يكون لديهم الفحص ايجابياً عندما تصل مستوى تلك المادة إلى 20 ميكرو غرام وأقل. الدراسات الحديثة اشارت بعض الدراسات بواسطة الدكتور فرانكلين وايت في جامعة كراتشي بباكستان في شهر اكتوبر 2002م تلاه بحث آخر نشر في هذا العام 2006م في نفس الجامعة حول استعمال الكحل للاطفال والاضرار الناجمة عن ذلك حيث افادت تلك الدراسات انه باجراء الفحص على430 طفلاً تتراوح اعمارهم بين 36 - 60 شهراً نسبة منهم يعيشون وسط المدن الكبرى واخرى تقطن القرى تبين ان 80? منهم لديهم نسبة الرصاص في دمائهم فوق 10 ميكروغرام لكل دسل بمتوسط 15,6 ميكروغرام وان النسبة الكبرى من المصابين هم من يقطنون المدن وخاصة التي تزدحم بالمركبات نتيجة لحرق البترول وأيضاً الأطفال الذين هم عرضة لأكل بعض الاشياء غير المأكولة كالتربة وان نقص الحديد والزنك والخارصين بالإضافة إلى نقص عنصر الكالسيوم هو من العوامل المساعدة على امتصاص مادة الرصاص وزيادة سميتها في الدم، كما اشارت الدراسة إلى ان الكحل مصدر رئيسي للرصاص حيث تشكل كمية الرصاص الموجودة فيه من 20 - 80? من تركيبته الاساسية وقد قورنت تلك الدراسة باخرى والتي اثبتت ضررها على الدم والجهاز العصبي. العلاج أهم خطوة في العلاج هي ازالة مصدر الرصاص فيجب التوقف عن وضع الكحل وعدم تعريض الطفل إلى الدهانات التي قد تزيد من مستوى تلك المادة بصفة مستمرة وفحص الدم فاذا كان مستوى الرصاص عند 70 ميكروجرام حتى لو لم تظهر اعراض على الطفل ففي هذه الحالة يجب التعامل مع الحالة كاسعافية حيث يدخل الطفل للمستشفى واعطائه العلاج ديميركابرول، ايديت كالسيوم ثنائي الصوديوم ويستمر العلاج لمدة خمسة أيام وفي حالة اصابة الطفل باعتلال المخ الحاد فيجب التحكم في التشنجات المصاحبة للطفل واستعمال الادوية السابقة تحت مراقبة مباشرة في غرفة العناية المركزة. اما في حالة ان مستوى الرصاص مابين 69 - 45 ميكروغرام فانه يكتفى باخذ علاج واحد اديت كالسيوم ثنائي الصوديوم وفي حالة إذا كانت النسبة بين 10 - 19 ميكروغرام لطفل لم تظهر عليه أي اعراض فلا يحتاج معالجة وانما يجنب المسبب. الوقاية خير من العلاج من المهم تجنيب الطفل جميع المسببات لرفع مستوى الرصاص في الدم كاستعمال الكحل والدهانات المنزلية وغيرها مما سبق ذكره واستشارة الطبيب عند حدوث أي من الاعراض السابقة لا سمح الله.
المصدر - صحيفة الرياض - الجمعة 28 ربيع الآخر 1427هـ - 26 مايو 2006م
|
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|