|
110525273 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>>
<< |
الفحص الطبي قبل الزواج في السعودية |
الكاتب : أحمد سعيد |
القراء :
9006 |
الفحص الطبي قبل الزواج في السعودية يرفضه الشباب.. ويقبلن عليه الفتيات أحمد سعيد: يهتم الشباب في فترة الخطوبة بالاختبارات النفسية. كل طرف يفكر في الآخر. هل هو الشخص الذي كان يبحث عنه ويتوافق مع طباعه؟ إلا أنهم يتجاهلون تماماً اهمية الجانب الصحي على الرغم من كونه مسببا حقيقيا لمشاكل في العلاقة قد تؤدي إلى الانفصال. يجهل الكثير من الناس أهمية الرعاية الصحية والوقائية أو قد يتجاهلونها. كما يغضون الطرف و يرفضون إجراء الفحوص الطبية قبل الزواج رغم أهمية هذا الإجراء في تجنب الكثير من الأمراض. بالتحديد منها الامراض الوراثية التي يكثر انتشارها في المجتمعات العربية. والسبب في ذلك ارتفاع نسبة الزواج بين الأقارب وزيادة احتمال التقاء الجينات المسببة للأمراض الوراثية. وسواء كانوا مقتنعين بأهمية هذه الفحوص أو مشككين بنتيجتها، تبقى الثقافة السائدة في المجتمع المتحكم الفعلي في قرار لا يمكن إهماله في حياتهم: القيام بتلك الفحوصات أو رفضها. تشير العديد من الدراسات إلى انتشار أمراض الدم الوراثية في العديد من الدول العربية. كما تشير الى كونها مشكلة صحية واجتماعية خطيرة، ترهق الموارد المخصصة للقطاع الصحي. وتلحظ الاحصاءات اصابة طفل واحد من كل 25 بمرض وراثي ناتج عن خلل في الجينات أو بمرض عوامله وراثية حتى سن الخامسة والعشرين. وتنتشر هذه المشكلة بشكل كبير فى بلدان الخليج العربى. فأحدث الإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية تؤكد أن عدد المعاقين فى تلك الدول في تزايد مستمر. اذ يمثلون حوالي 13% من إجمالي عدد السكان، منهم حوالي70% من اصحاب الاعاقة الذهنية. ومن هنا تم طرح اصدار قانون يشترط على الراغبين بالزواج اجراء كشف طبى الزامي للتأكد من خلو الزوجين من أى أمراض قد تسبب لاطفالهما تشوها خلقيا. والى الآن فرض القانون كل من السعودية والاردن وبعض من الدول العربية الأخرى.
زواج الأقارب وعلاقته بالأمراض الوراثية : ومن جهة أخرى تؤكد معظم الدراسات العلمية المتخصصة بالأمراض الوراثية الشائعة، وتحديدا أمراض هيموغلوبين الدم "خضاب الدم"، تؤكد أن زواج الاقارب هو السبب الرئيسي لإعاقات الأطفال وتشوههم الخلقي. كما كشفت العديد من الأبحاث العلمية التي أجريت حول زواج الأقارب أن الإصابة بتلك الأمراض والإعاقات لدى الأطفال من أبوين قريبين واضحة بسبب عدم إجراء الفحص الطبي قبل الزواج، حيث تكون الفرصة أكبر لدى الزوجين من الأقارب في حمل صفات وراثية متنحية عندما يكون كل واحد من الأبوين حاملاً للصفة المسببة للمرض. وأكدت دراسات وآراء علمية متعددة أن تلك الأمراض الوراثية شائعة في المملكة العربية السعودية، مما حدا بالجهات المسؤولة في المملكة إلى توجيه القطاعات المختصة بالسعي نحو تطبيق الفحص الطبي قبل الزواج حفاظاً على سلامة الأجيال والمجتمع من الأمراض والإعاقات. وتعتبر أمراض هيموغلوبين الدم والأمراض أحادية الجينات والعيوب الخلقية الاستقلابية من الأمراض الوراثية الشائعة بالمملكة العربية السعودية، وأمراض خضاب الدم تسبب مرض فقر الدم المنجلي ومرض أنيميا دم البحر الأبيض المتوسط. كما تتفق معظم الأبحاث والدراسات المتعلقة باقتصاديات الصحة على أن الأمراض المزمنة والإعاقات تمتد تأثيراتها النفسية والاجتماعية لتشمل الأسرة والمجتمع وتثقل كاهل النظام الصحي. لماذا الفحص الطبي ؟ تكثر الدعوة في العالم حاليا لإجراء الفحص الطبي من قبل المقبلين على الزواج بهدف تقليل الحالات المرضية بين الأجيال المقبلة. وفي حين سارعت دول بإصدار تشريعات ملزمة لإجراء هذه الفحوصات، وآخرها المملكة العربية السعودية، يبقى هذا الامر اختياريا في الدول الاخرى، علما أن الجهاز المعني بهذه الامور متوافر. في قطر مثلا افتتحت مؤسسة حمد الطبية عيادة لاستشارات ماقبل الزواج والحمل. كما أنشأت مختبراً خاصاً لتحاليل الجينات للكشف عن الأمراض الوراثية. يؤكد الأطباء من جهتهم على أن الهدف من هذه الفحوصات هو الكشف المبكر عن الأمراض، وتقديم العلاج في حال أتت النتائج سلبية. بالاضافة الى تقديم المشورة للراغبين من الشباب والفتيات في ما له علاقة بالزواج والانجاب، من منظور صحي وإجتماعي ونفسي. وهنا سؤال يطرح نفسه ما مدى أهمية الفحص قبل الزواج؟ يقول الأطباء ان هناك امكانية إلى حد ما للتنبؤ باحتمال إصابة الذرية بمرض وراثي عن طريق فحص الرجل و المرأة. و وفقا لنوع المرض يمكن الحديث عن إمكانية تفادي حدوثه أم لا، بالرغم من الدور الكبير الذي يلعبه زواج الأقارب في الإصابة بالأمراض الوراثية الناتجة عن الوراثة المتنحية كفقر الدم المنجلي و أنيميا البحر المتوسط الأمراض الوراثية التي يمكن تجنبها بالفحص الطبي قبل الزواج ؟ قررت وزارة الصحة في المملكة ان يقتصر الفحص الطبي قبل الزواج على الكشف عن مرضين رئيسيين من أمراض الدم الوراثية (وهم مرض الأنيميا المنجلية و مرض الثلاسيميا) نظرا لانتشارهم في المملكة. يشمل الفحص قبل الزواج الأمراض الدم الوراثية الأكثر انتشاراً بالمملكة وهي مرض الانيميا المنجلية و الثلاسيميا فقط. علما ان الفحص يكشف الثلاسيميا من نوع بيتا والانيميا المنجلية بشكل عالى بينما هذا التحليل محدود الغائدة في الكشف بفاعلية عن الثلاسيميا الفا. كما ان الاطباء يعملون قياس لمستوى الحديد(الفريتين) اذا كان هناك اشتباه في فقر الدم الحديدي و الذي يتشابه في نتائجة المخبرية مع الثلاسيميا. ولا بد من الإشارة إلى أن الأمراض الوراثية كثيرة جدا ويصعب الفحص عنها كلها.كما أن الكثير من هذه الأمراض يصعب الكشف عنها نظرا لعدم و جود تحليل لها أو التحليل لا يستطيع اكتشاف الشخص الحامل للمرض بشكل دقيق .كما أن الكثير من هذه الأمراض ناتج عن خلل في الجينات و الكثير من الجينات-والتي تتراوح حوالي 30 ألف جين- غير معروفة و لم يتم اكتشافها ولذلك لا يوجد لها تحاليل. الشباب يرفضونه - والفتيات يقبلنه !!! وحول مدى إقبال الراغبين بالزواج على الفحص الطبي تشير بعض الإحصاءات إلى أنه لم يمض على اقرار المملكة فترة طويلة، إلا أن معدل إقبال المراجعين عليها شبه مقبول، ولكن غالبية المقبلين هم من الفتيات. أما الشباب فيحددون موعداً للفحص ولا يأتون. ولعل السبب يعود إلى الخجل الاجتماعي، الذي يظهر لدى الشاب أو الفتاة حتى عند الحديث عن مشكلة مرضية منتشرة في عائلته أو عائلتها، أو عند محاولة توصيف مشاكله الجنسية. حيث يقوم الطبيب المختص بسؤال "مريضه" عما يقلقه من هذا الزواج، وعن التاريخ المرضي لهذه المشكلة في عائلته أو عائلة الفتاة التي يرغب بالزواج منها وبعدها يخضعه لمجموعة من الفحوصات المخبرية والطبية. نفس الامر بالنسبة للفتاة. بعدها تتم كتابة التقرير الطبي الذي يثبت حقيقة المخاوف من الأمراض الوراثية لدى الابناء، أو عدم صحة هذه المخاوف. ولكن في جميع الأحوال لا يتم الزام الطرفين بشيء. أن يتما زواجهما أم لابإتمام الزواج فذلك ليس قرار الطبيب. كل ما عليه فعله أن يطلعهما على النتائج التي توصل اليها وعلى أثرها يتقدم بنصيحته. ومن هنا يأتي رفض المجتمع السعودي بشكل عام للفحص الطبي قبل الزواج، ومرده الى التركيبة العشائرية لهذا المجتمع الذي يرتكز تماسكه على التباهي والتفاخر بالأنساب . فوائد الفحص قبل الزواج : تكمن فائدة الفحص قبل الزواج فى أن المقدمين على الزواج يكونون على علم بالأمراض الوراثية المحتملة للذرية إن وجدت فتتسع الخيارات في عدم الإنجاب أو عدم إتمام الزواج. ويقدم النصح إذا ما تبين وجود ما يستدعي ذلك بعد استقصاء التاريخ المرضي والفحص السريري واختلاف زمر الدم. كما أنه يساعد على المحافظة على سلامة الزوجين من الأمراض، فقد يكون أحدهما مصاباً بمرض يعد معدياً فينقل العدوى إلى زوجه السليم. وبالفحص الطبي يتأكد كل واحد من الزوجين الخاطبين من مقدرة الطرف الآخر على الإنجاب وعدم وجود العقم، ويتبن مدى مقدرة الزوج على المعاشرة الزوجية. ويتم الحد من انتشار الأمراض المعدية والتقليل من ولادة أطفال مشوهين أو معاقين والذين يسببون متاعب لأسرهم ومجتمعاتهم . ولا بد أيضا من التأكيد على أن إيهام الناس أن زواج الأقارب هو السبب المباشر لهذه الأمراض المنتشرة في مجتمعاتنا، وهو غير صحيح إطلاقاً ، فالقاعدة الطبية الشرعية -حسب أهل الاختصاص- لا تمانع من زواج الأقارب، وإنما تحث على توخي الحذر والحيطة، خاصة بعدما أظهرت الدراسات الطبية نتائج بعض زواج الأقارب وما حمله من انتشار بعض الأمراض الوراثية، وما يسببه من علل.والشريعة الإسلامية تحث على بذل الأسباب حتى لا يحصل مرض من الأمراض التي يمكن تجنب أسبابها بإذن الله، كما أن الشريعة الإسلامية ترغب في الزواج عموما ولو كان من خارج الأسرة والعائلة إذا وجد الكفء ديناً وخلقاً. ويبقى أن الفحص الطبي قبل الزواج ، قضية شائكة لها أبعاد متباينة، فكثيرين يرفضونه لدواعي إجتماعية قبلية ، وآخرون يواجهونه للأسباب دينية ،مع العلم أن الفحص قبل الزواج حلال بشرط ممانعة إجرائه لدواع غير طبيعية. وقد يكون ذلك الفحص سببا في نجاح العلاقة الزوجية وتقويتها، ويمكن أن يؤدي دورا مؤثرا في اتخاذ القرار الصعب بالانفصال والرحيل.. ومهما كانت تلك النتائج إلا أن الحقيقة التي لا تقبل الجدال أن الفحص الطبي قبل الزواج أصبح أمراً مهما لتفادي حدوث مشاكل مستقبلية تؤثر بشدة علي العلاقة الزوجية.. والحقيقة الأكثر تأكيدا أن المجتمع مازال يرفض وبشدة تلك الحقيقة ويعتبره عيباً ومجالاً لا يجب الخوض فيه أو التلميح إليه؛ لأنه يحمل في داخله إهانة للطرف الآخر لا يمكن نسيانها أو تجاهلها! |
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|