|
110525645 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>>
<< |
زواج الأقارب |
الكاتب : تحقيق صحفي |
القراء :
5113 |
زواج الأقارب حرص الإسلام أشد الحرص على التناسل والتكاثر، وحث على الزواج ورغب فيه حتى يقوى المجتمع الإسلامي بأبنائه، فقد روى ابن يسار أن رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال " إني أصبت امرأة ذات حسن وجمال، وإنها لا تلد، أفاتزوجها؟ قال: لا. ثم أتاه الثانية، فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال " تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" رواه أحمد. وبهذا الأسلوب يكون الإسلام قد شرع المؤيدات الشرعية لتحقيق الغاية من الزواج وبناء الأسر القوية السليمة والخالية من الأمراض، وخاصة الوراثية منها؛ فقد حث الإسلام على الزواج الذي ينتج التناسل ورغب في زواج الودود الولود، ونهى عن زواج المرأة العقيم لأن زواجها لا يحقق الغاية من الزواج ولا يترتب عليه الطمأنينة والاستقرار في الأسرة، حتى وإن كانت قريبة وذات حسن وجمال. ومسألة زواج الأقارب مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ببعد الأمراض الوراثية، حيث أصبح من الثابت علمياً أن زواج الأقارب ينتج عن نسلاً ضعيفاً، حتى ولو بعد عدة أجيال، لذلك حرص الإسلام على التنبيه من مغبة التمادي في مسألة الإصرار على زواج أبناء وبنات الأعمام والأخوال لبعضهم البعض، حيث جاء عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه روى عن الرسول عليه الصلاة والسلام قوله: " اغتربوا لا تضووا" أي تزوجوا الغريبات حتى لا يضعف النسل. وقد روي عنه أيضاً قوله " لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يخلق ضاوياً"، أي نحيفاً. ويعزز هذا التوجه ما ذهب إليه الإمام الشافعي حين قال: أيما أهل بيت لم تخرج نساؤهم إلى رجال غيرهم كان في أولادهم حمق. وغالباً ما يشيع هذا العرف في بعض الأسر العريقة والقبائل الممتدة مما يستدعي ظهور الأمراض الوراثية المتنحية . الأمراض الوراثية: وقد توصل العلماء المعاصرون إلى أن الأمراض الوراثية على ثلاثة أنواع: o الأمراض الوراثية السائدة: تحدث عندما يكون أحد الزوجين مصاباً بمراض وراثي ويورثه لنصف أبناءه ذكوراً وإناثا، فإن كانوا أربعة أصيب منهم اثنان ونجا اثنان، وإن كانوا ستة أصيب ثلاثة منهم ونجا ثلاثة. o الأمراض الوراثية المتنحية: تحدث عندما يتم الزواج بين زوجين حاملين لمرض وراثي واحد، وإن عدم ظهور المرض عند الآباء والأجداد لا ينفي دور الوراثة. وقد أكدت الدراسات على أن هناك علاقة ارتباطية موجبة بين هذا النوع من الأمراض الوراثية وبين زواج الأقارب، فهذا النوع من الزواج يزيد من فرص إصابة الأبناء ببعض الأمراض الوراثية إلى 26 ستة وعشرين ضعفاً أو أكثر. وكما هو معروف فإن هناك أمراض وراثية معينة في عائلات معينة هي أكثر شيوعاً، وبالتالي يؤدي الزواج من أفرادها إلى نقل هذه الأمراض إلى الأجيال القادمة، وكلما بعدت درجة القرابة بين الزوجين قل احتمال انتقال المرض إلى أطفالهم. الفحص قبل الزواج : من هذا المنطلق شرع علماء المسلمين على ضرورة القيام بالفحص قبل الزواج للعروسين خشية أن يحمل أحدهما بعض العوامل المرضية المؤدية إلى إصابات أو عجز ينتج عنها إعاقات عند الأولاد لا سمح الله. فإذا كانت الوسيلة متوفرة، والله عز وجل أمر بعدم تعريض النفس إلى التهلكة فإن الواجب على بني البشر الأخذ بالأسباب ثم التوكل على الله فيما يتعلق بنصيب الزواج، وعليه فإن مفهوم الوقاية في الإسلام تستند على تجنب المكروه قبل وقوعه. الأهداف الأساسية للفحص قبل الزواج: وخلاصة القول أن الفحص الطبي قبل الزواج له أهداف أساسية وهي: o التنبؤ بحدوث بعض الأمراض التي قد تحصل بعد الزواج والوقاية منها. o الحد من نقل الأمراض الوراثية التي قد تنتقل بالزواج وما يترتب عليها من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية للعائلتين. o الحد من الأخطار الصحية والأمراض المعدية للأزواج والمواليد، وخاصة لتلك الأخطار التي قد تتفاقم عن طريق الزواج نفسه. o تقييم قدرة كل من الذكر والأنثى على الإنجاب والحد من المشاكل التي قد تحدث بعد الزواج. o المساعدة في إعطاء المشورة للخاطبين وترك حرية الاختيار لهما في إتمام مشروع الزواج أو إلغائه. o اكتشاف الجينات الوراثية غير الطبيعية عند كلا الخاطبين. o ضبط حدوث بعض أنواع الإعاقات، وخاصة الموروثة منها والتي تعتمد على وجود جين سائد أو متنحي عند أي من الخاطبين. o المحافظة على مستوى الصحة والارتقاء بالمستوى الصحي والاقتصادي للمجتمع. وقد يلجأ الأهل إلى حسم قضية الأمراض الوراثية بعد عقد النكاح أو الزواج بإتباع بعض الإجراءات التالية: o فسخ عقد النكاح - وهو إجراء احترازي وقائي، خاصة في حالة وضوح أسباب احتمالية الإنجاب المصاب، كوجود حالات جنون أو جذام أو برص أو ما شابه ذلك في عائلة أحد الخاطبين. o منع الحمل للضرورة أو الحاجة. o التحكم في جنس الجنين للضرورة كما لو أن المرأة تلد ذكوراً مشوهين يموتون بعد فترة معينة، بينما الإناث لا يحصل له ذلك. o تعدد الزوجات للحاجة أو الضرورة، وخاصة في حالة اكتشاف الزوج أن هناك صفات متنحية عند زوجته الأولى ولا يريد أن ينفصل عنها، وبالتالي يمنع الحمل منه ويتزوج بأخرى.
تدابير قبل الزواج: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تنكح النساء لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، فأظفر بذات الدين تربت يداك" فإذا أراد الإنسان الزواج من فتاة قريبة أو بعيدة عن أسرته، فينبغي أن يختار الزوجة الصالحة الملائمة والخالية من الأعراض الضارة لها ولأولادها، وأن يختار من الأسر الطيبة والأسر العريقة لأن هذا يؤثر على الذرية، وأما عن صحة الحديث: " اختاروا لنطفكم فالعرق دساس" ---- فهذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه معناه صحيح في الجملة، لأن الإنسان ينبغي له أن يتحرى الزوجة المناسبة لقوله صلى الله عليه وسلم" فأظفر بذات الدين تربت يداك" ---- فيختار الزوجة الصالحة في دينها والصالحة أيضا في نسبها وجسمها والخالية من الآفات، لأن هذا له تأثير على العشرة وتأثيره على الذرية، ويشمل هذا الحديث الزوجة سواء كانت من أقارب الرجل أو غريبة عن عائلته فالصواب أنه لا يلتفت للقرابة، ولكن يلتفت إلى ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم.
فلا شك إن العوامل الو راثية تحدد قدرا كبيرا من العمليات النمائية للجنين وللطفل الرضيع قبل الولادة. ويقصد بالعوامل الو راثية التي تنتقل عن طريق الجينات، حيث غالبا ما يشبه الطفل الوليد أبويه في بعض الصفات التي تنتقل كما أسلفنا عن طريق الوراثة، وقد توجد هذه الجينات بصفة ناقلة لدى الأب وناقلة لدى الأم، وقد يختلف الطفل الوليد عن أبويه في بعض تلك الصفات، وتجدر الإشارة إلى أن التقاء جين ما يحمل صفة ما في الأم مع مثيله في الأب يخضع لعامل الصدفة، كما يؤدي إصابة الأم الحامل بمرض إلى حالات مختلفة من الإعاقة، كالإعاقة البصرية أو التخلف العقلي وغير ذلك من أنواع الإعاقات، إذ يؤدي فيروس هذا المرض على تلف في الجهاز العصبي المركزي للجنين.
استحباب الزواج لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة: لقوله صلى الله عليه وسلم ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) والشباب جمع شاب وهو من بلغ ولم يجاوز ثلاثين سنة، والباءة أصلها في اللغة الجماع، فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنة، ومن لم يستطع الزواج لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه، وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشبان الذين هم مظنة شهوة النساء وقالوا والعاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم لدفع الشهوة فالإسلام حذر من ارتكاب الفواحش كاللواط والزنا ونبه إلى أنها تؤدي إلى تفشي الأمراض في المجتمعات التي ترتكبها بل إنها تكون سببا في استحداث أمراض لم تكن معروفة في أسلافهم، قال صلى الله عليه وسلم" لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم كالإيدز. فالتشريع الإسلامي يحرم الزنا وفي الزواج الوقاية. كما أن من محاسن الشريعة الإسلامية والشريعة كلها محاسن، وجلب للمصالح ودرء للمفاسد أن من الله على عباده بالنكاح ورتب عليه أحكاما كثيرة وحقوقا متنوعة تدور كلها على الصلاح وإصلاح حال الوالدين والأولاد، ودفع الضرر والفساد، كما يقصد به السرور في الحياة.
والإسلام يرغب في الوقاية من الجريمة قبل وقوعها، فيوجه إلى اختيار الزوجين الصالحين قبل أن تبدو بوادر الاعوجاج أو الإعاقة عن سواء السبيل، لهذا أرشدهم إلى القيام بمسئولياتهم تجاه فلذات أكبادهم بدءا من هذه المرحلة المبكرة، وهي مرحلة ما قبل الإنجاب، وذلك بتهيئة المحضن الطيب للمولود قبل أن يخلق.
ولا شك أن نشر الوعي الديني الصحي كفيل بأن يردع الناس عن إتباع كل ما من شأنه تعريض صحتهم للخطر. فالاستشارات الدينية والصحية والفحوص المخبرية مثل الفحص قبل الزواج يمكن أن يمنع الأمراض الو راثية الخطيرة والأمراض المعدية مثل الإيدز والإعاقة الجسدية والحسية للأزواج والأطفال. |
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|